المصارف تضغط على المودعين بعمولات باهظة.. والرقابة غائبة

المصارف تضغط على المودعين بعمولات باهظة.. والرقابة غائبة -- Nov 19 , 2025 43

لا تتوانى المصارف اللبنانية عن المبالغة في فرض رسوم وعمولات على مختلف العمليات، من سحب بسيط إلى كشف حساب أو استخدام بطاقة مصرفيّة، وسط غياب للرقابة. ورغم أنّ العمولات تُعدّ قانونيًّا جزءًا من عمل المصارف، إلا أنّ ارتفاعها إلى مستويات غير مسبوقة، جعلها عبئًا إضافيًّا على المودعين.

هذا الواقع يثير تساؤلات حول دور مصرف لبنان ولجنة الرقابة في ضبط تسعير الخدمات المصرفية، ومنع تحوّلها إلى وسيلة لاستنزاف المودعين.يلفت الخبير في المخاطر المصرفية الدكتور محمد فحيلي إلى أنّ قانون النقد والتسليف وتعاميم مصرف لبنان يشكّلان الإطار القانوني الناظم لعمل المصارف، ويمنحان المصرف المركزي والهيئة المصرفيّة العليا صلاحيات واسعة، من توجيه التنبيهات إلى المصارف، وصولاً إلى إقالة رؤساء مجالس الإدارة وتعيين مديرين مؤقّتين، في حال الإخلال بالقوانين أو مخالفة التعاميم.
لكنّ الواقع، يُظهر أنّ العديد من المصارف تتمادى في فرض رسوم وعمولات غير مبرّرة، أبرزها العمولات على إيداعات وسحوبات الكاش، ورسوم صيانة الحسابات، حتّى على الحسابات التي لا يستطيع أصحابها الوصول إلى أرصدتها. ويروي أحد المودعين أنّه يُجبر على دفع 31 دولارًا شهريًّا كرسوم صيانة لحسابات مجمّدة لا يمكنه استخدامها، كما يواجه مشكلة تتعلّق ببطاقة مصرفيّة قديمة مرتبطة بحساب على سعر صرف 15,000ليرة لبنانية، لكنّه لا يعمد إلى إلغائها خشية صعوبة الحصول على بطاقة جديدة، في ظلّ التعقيدات المصرفيّة الراهنة.

يلفت فحيلي إلى أنّ العمولات بحدّ ذاتها قانونيّة، لكن حجمها تخطّى المنطق والقانون، مشيرًا إلى أنّ جمعية المصارف كانت تمتلك سابقًا لجنة متخصّصة في وضع جداول موحّدة للعمولات"كانت هذه الجداول تميّز بين الحسابات بالليرة والدولار، وبين حسابات الأفراد والمؤسسات، كما كانت تفرّق بين الحسابات المشتركة وغير المشتركة، والناشطة والمجمّدة. كانت الحسابات الناشطة تشكّل مصدر دخل للمصارف من خلال حركة الشيكات وبطاقات الائتمان، بينما الحسابات المجمّدة لا تؤمّن أيّ إيرادات بل تكلّف فوائد مرتفعة. على هذا الأساس كانت تُحدَّد العمولات، وكانت المصارف تلتزم بهذه المعايير إلى حدّ كبير، تماماً كما كانت تلتزم بالجدول الصادر عن الجمعية للفوائد الدائنة والمدينة، مع بعض الفوارق الطفيفة بين مصرف وآخر".

قبل أيام، أصدرت لجنة الرقابة على المصارف المذكرة رقم 4/2025، شدّدت فيها على ضرورة الالتزام بعدم فرض أي رسوم أو عمولات جديدة على حسابات الودائع بالعملات النقدية أو غير النقدية، مقارنة بما كان معمولًا به قبل 31 تشرين الأول 2019، وعدم زيادة الرسوم المعتمدة سابقًا. كما طلبت عدم تعديل شروط استيفاء الرسوم على الحسابات الراكدة. لكن برغم تنبيهات وتوجيهات لجنة الرقابة على المصارف بوقف بعض هذه الممارسات، ما زالت المصارف تلجأ إليها وفق فحيلي "بهدف تعويض غياب الإيرادات الناتجة عن التوقف شبه الكامل للإقراض، فتحقق أرباحها من العمولات المفروضة على الحسابات شبه الميتة، في محاولة لتعويض الخسائر على حساب المودعين، في تعدٍّ واضح على القوانين".

رغم أنّ المصارف تحتجز الودائع منذ تشرين عام 2019، وتمنح المودعين بعض الفتات وفق تعاميم مصرف لبنان، تُظهر قدرة "خلاّقة" على تحصيل عمولات حتى من خلال تعاميم المركزي يلفت فحيلي"فمثلاً، بعض المصارف فرضت على المودعين الراغبين بالسحب بموجب التعميم 158 الحصول على بطاقة مصرفيّة جديدة خاصة بهذا التعميم، وأبقت البطاقة القديمة للحسابات الفريش أو غيرها، ما أتاح لها فرض عمولات إضافيّة خلافاً لما تنص عليه التعاميم، التي تمنع وضع أيّ عمولة على العمليات المرتبطة بها. في هذه الحالة، تقع المسؤولية على لجنة الرقابة على المصارف لوضع حدّ لهذه التجاوزات وضبط تطبيق التعاميم بدقّة ،خصوصًا أنّ لديها صورة دقيقة عن المصارف التي تفرض رسومًا غير منطقية. أمّا في ما يتعلّق بالتعميم 151، فيجب إيقاف السحوبات بموجبه على سعر 15 ألف ليرة،بعدما أصبح سعر المنصة 89,500 ليرة".

أقرأ أيضاَ

إجراءات "المركزي" تُربك شركات تحويل الأموال: هل تنشط عمليات نقل الأموال نقداً؟

أقرأ أيضاَ

قانون الفجوة الماليّة: مفاوضات المصارف والماليّة والمركزي